السيرة الذاتية لحياة العلامة الشيخ سي بوعلام ابن مدينة عمي موسى

السيرة الذاتية لحياة العلامة الشيخ سي بوعلام ابن مدينة عمي موسى
عمّي موسى.. تلك المدينة الصغيرة التي أفل نجمها لأكثر من خمسة قرون ونصف فتحت ذراعيها لعالم جليل واحتضنته وأهلها كأنه ابن ضال عاد ليلهمها ودويها بما غنمه من دنياه ، إنّه دلك السراج الذي أهداه الله لقوم بني وراغ أنّه " الشيخ سي بوعلام ".
السيرة الذاتية لحياة العلامة الشيخ سي بوعلام ابن مدينة عمي موسى
السيرة الذاتية لحياة العلامة الشيخ سي بوعلام ابن مدينة عمي موسى
هو بوعلام غلام الله بن عشابو غلام الله وفاطمة مدّاح ، من مواليد بداية القرن العشرين وبالضبط عام 1916 دوار القناسية بزبوجة الوسط ببوقادير ولقد تم تقييد اسمه بسجلات الحالة المدنية بحكم في 21 سبتمبر 1927، نشأ الشيخ سي بوعلام بمسقط رأسه من عائلة فقيرة لا تقتات عيشها إلاّ من خدمة الأرض، حيث كان أهله يمارسون الفلاحة بالطرق التقليدية وبالوسائل الجد بسيطة. أدخله والده مدرسة "كروشي القرآنية" ومن ثم التحق فيما بعد بزاوية لحفظ وتعليم القرآن الكريم بمدينة الشلف اين تمكن من تعلم الدروس الفقهية واللغوية من نحو وصرف بالاضافة الى استيعاب معارف ومكتسبات علمية من الدين واللغة العربية. قوة الحفظ التي تميز بها الشيخ سي بوعلام اتاحت له الفرصة للسفر الى مدينة قسنطينة بالشرق الجزائري أين تتلمذ على يد الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس  مؤسس جمعية العلماء المسلمين مما سمح له بالاحتكاك بالكثير من العلماء أمثال الشيخ سي الجيلالي الفارسي الذي ساهم كثيرا في تزويده بمعارف استدراكية وقت ساعات الفراغ وهذا خلال سنوات الأربعينات ، ثم هاجر فيما بعد الشيخ سي بوعلام مع مجموعة من زملائه الى " جامع الزيتونة " بتونس بهدف طلب العلم أين تمكن من الحصول على شهادة عليا في الفقه واللغة والتشريع ثم رجع الشيخ سي بوعلام من هناك الى حيث اهلة وذويه. هاجر الشيخ سي بوعلام من جديد الى فرنسا وتحديدا بمدينة " بسانت إتيان" وأقام هنالك لسنتين ليرجع فيما بعد الى الجزائر ، تزوج الشيخ سي بوعلام مع بنت عمه " محمد بن عبد القادر " وأنجب منها ولدين وحدث انفصال بينهما ثم سافر من جديد الى مدينة " مغنية " بـأقصى الغرب الجزائري على الحدود المغربية وهنالك تزوج للمرة الثانية من فاطمة عبد المالك والتي انجب منها ذكورا وإناثا ، وقد عمل الشيخ سي بوعلام قبل الثورة بقليل كمعلم للقران بمدينة مغنية ولاية تلمسان الى ان انتقل الى حي بلاتتر بمدينة وهران خلال ثورة التحرير الجزائرية لكمل مسيرته في تعليم القران وتحفيظه.
ساهم الشيخ سي بوعلام كثيرا في نشر الوعي والحس الوطني ونشر العقيدة الاسلامية بين أبناء وطنه ، لقنهم دروساً عن معنى الوطن والوطنية ومدى قداسة القضية والثورة التحريرية ، ولقد حسس وبطريقة مستديمة المجاهدين بمكانة الشهادة عند الله كما كان يحثهم على المضي قدما مبرزا لهم قداسة تلك الرسالة التي يحملها كل مجاهد على عاتقه بدروس تبث في نفوسهم الحماسة ويرشدهم فيها على إبلاغ صدى الثورة إلى كل أبناء الجزائر إلى غاية نيل الحرية التي لا تؤخذ إلا بالقوة. بالرغم من الغيرة الوطنية التي كانت تمكنه انزوى إلى جمع الأموال للمجاهدين لتغذية الثورة التحريرية.
سجن الشيخ سي بوعلام مرات عديدة من طرف الاستعمار الفرنسي وتعرض لأقصى العذاب الشديد والضرب المبرح حتى شلت رجله اليسرى كما أسقطت أسنانه القواطع والأنياب بضربة باخمس رشاش من احد العساكر ورغم كل هذا واصل الشيخ نشاطه في دعم القضية الجزائرية وكان عضوا فعالا في المنظمة الوطنية بجبهة التحرير الوطني. 
عاد الشيخ سي بوعلام رفقة زوجته المغناوية وأولاده بعد الاستقلال الى مدينة عمي موسى وهناك التحق بالمسجد العتيق الّذي بني من طرف مهندس فرنسي سنة 1878 م أين فتح مدرسة قرانية والتي تطورت فيما بعد الى معهد اسلامي ،ونظرا لتوافد الطلبة على المدرسة ومن كل الولايات المجاورة اتخذ الزاوية المحاذية للمسجد المذكور انفا مكانا ثان لتدريس الطلبة ، لم يكن الشيخ مقتصرا على تعليم وتحفيظ القران فحسب بل نظرا لقدراته العلمية الفائقة توسع الى تعليم النحو و البلاغة و الحساب والجبر والتاريخ والجغرافيا اما المواد الشرعية كان يقوم بتدريس ابن عشير، رسالة ابن القيراوني، الشيخ خليل وبهذة العلوم المحتلفة افاد كثيرا الطلبة الوافدين من اصقاع الوطن ولقد تخرج على يديه المئات من الاطارات المختلفة باختلاف شرائح المجتمع حيث كان يقدم شهادات للطلبة بمستوى الثالثة والرابعة متوسط في ذلك الوقت مرخص بها من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ومعترف بها من طرف الوظيف العمومي والتي انتهت صلاحية تسلميها من طرف الشيخ بعد انتشار المعاهد الإسلامية عبر مختلف ربوع الوطن فتقلص عدد الطلبة الّذين كانوا يتوافدون على المسجد العتيق بعمّي موسى وبقي النشاط مقتصرا على العلوم الشرعية والفقهية وخاصّة التكوين المستمر للائمة وتنويرهم بالعلوم الاسلامية إلى أن وافته المنية في يوم 29 جانفي 1995 بعمّي موسى ودفن بمقبرة الولي الصالح سيدي عمارة بالمنطقة رحمه الله وهنا نشير إلى أنّه في ذلك الوقت كانت قد انتشرت عادة نقل الجنازة حملا ًعلى متن السيارات قكانت وصيته أن ينقل إلى مثواه الأخير حملا على الاكتاف. رحم الله الشيخ سي بوعلام واسكنه فسيح جنانه.
وقد قامت الجزائرية الثالثة التابعة للمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري الحكومي باجراء حصة تتحدث فيها عن سيرة حياة ومناقب العلامة الشيخ سي بوعلام ابن مدينة عمي موسى.
بوهني عبد الله Bouhenni Abdallah
بواسطة : بوهني عبد الله Bouhenni Abdallah
مهندس دولة ومدون جزائري مؤسس عدة مواقع إلكترونية مقيم بمدينة عمي موسى ولاية غليزان .
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -